مرسوم قانون رقم 2.20.292 الخاص بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية ، و إجراءات الإعلان عنها دون الرجوع إلى البرلمان لأخد إذنها في ذلك ، لا يتحدث بتاتا ، و بأي شكل من الأشكال ، عن إجبارية التلقيح ، كتدبير من التدابير الاحترازية ، التي تستمد شرعيتها من المرسوم أعلاه ، و القاضي بضرورة اتخادها على وجه السرعة و الاستعجال ، للحد من تفشي الوباء و ضمان سلامة الأشخاص ، و حقهم في الحياة .
و الحالة كذلك ، فإن البلاغ الأحادي لوزاة الصحة الداخلية – بالزز – القاضي بإجبارية حمل جواز التلقيح ، و ترتيب جزاءات مدنية و زجرية و إدارية… تطال كل الارتفاقات الحياتية للمواطن الذي لا يحمله ، و اعتبار كل ذلك يدخل في إطار التدابير الاحترازية ، كتدابير لها إلزاميتها المعيارية ، و شرعيتها القانونية المستمدة ، من مرسوم قانون 2.20.292 ، هو تعليل ملتوي ، متداكي و سطحي ، و مفتقد لكل وجاهته التفسيرية ، و سلامة استقامته القانونية لماذا ؟
*أولا: لأن المادة الثالثة من مرسوم القانون أعلاه ، لا تتحدث عن الأحكام الدستورية و التي هي نصوص سامية ، و تعلو على كل القوانين العادية و التنظيمية ، و أبدا لا يمكن مخالفتها ، إلا في حالة الاستثناء ، التي تحل فيها المؤسسة الملكية ،محل كل المؤسسات الدستورية ، و تمارس صلاحياتها بانسجام تام ، مع النصوص الدستورية المنظمة لها
و الحالة غير ذلك ، في منطوق المادة الثالثة من المرسوم أعلاه ، التي تتحدث فقط على الأحكام التشريعية و التنظمية ، الخاصة بالتشريع العادي ، لا الدستوري ، بصريح منطوقها : ” على الرغم من جميع الأحكام التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل ، تقوم الحكومة خلال فترة إعلان حالة الطوارئ ، باتخاد جميع التدابير اللازمة ، التي تقتضيها هذه الحالة…”
هذه الأحكام التشريعية و التنظيمية ، التي هي خاصة بالتشريع العادي ، الذي تتشارك وظيفته ، السلطتين التشريعية و التنفيذية معا ، وفق مقتضيات دستورية خاصة ، تحدد مجال القانون و مجال اللائحة .
و حتى إن سلمنا جدلا ، بالشرعية القانونية ، للبلاغ الأحادي ، لوزارة الصحة الداخلية ، القاضي بإلزامية حمل جواز التلقيح ، كتدبير ،من التدابير الاحترازية ، لمنع انتشار الوباء و استفحاله و تضاعف عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة به ، فإنه لم يثبت ، لا علميا و لا تقنيا ، و لا واقعيا ، سواء على مستوى المؤسسات الطبية و العلمية الدولية أو الوطنية ، أن التلقيح يضمن سلامة الأشخاص و الحفاظ على أرواحهم ، ما دام أنه ما زال في طور التجارب ، و الشخص الملقح ، مثله مثل غير الملقح ، قابل لحمل الفيروس و نقله لغيره ، بل و التعرض حتى للمضاعفات الصحية الخطيرة ، المفضية لموته ، ، و السوابق الدولية و الوطنية في هذا المجال لا تعد و لا تحصى.
*ثانيا:المادة الثالثة دائما و في فقرتها الثانية ، تتحدث عن : ” …لا تحول التدابير المتخدة المذكورة دون استمرارية المرافق العمومية الحيوية ، و تأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين …”
فكيف الحال إذن مع هذا البلاغ الأحادي ، لوزارة الصحة الداخلية – بالزز – الذي يحول دون مبدأ استمرارية المرفق العام ، كموظفين ، و بنية إدارية ، و خدمات عامة تسدى لمختلف المواطنين المرتفقين به ، و عبره ، لمجرد عدم حملهم لجواز التلقيح ، عدى إن كان هذا البلاغ ، قانونا من قوانين جلجاميس.
*ثالثا: التدابير الاحترازية ، كالتباعد الاجتماعي ، و إجبارية حمل الكمامةفي الفضاءات العمومية ، و منع التنقل بين المدن التي تعرف وضعا وبائيا كارثيا ، و حضر التجول الليلي ، و إغلاق المحلات التجارية و الأسواق العمومية …و غيرها من التدابير الاحترازية التي تشتد صرامتها ، حسب الوضع الوبائي و درجات استفحاله ، و كذا نسبة مأوية من الوفيات من الساكنة الوطنية أو المحلية ، التي يدخل علمها لدى اللجنة العلمية المكلفة بتتبع الوضع الوبائي ، و إصدار توصيات في شكل من التدابير الاحترازية التي يجب اتخادها دون استفحاله ، من طرف السلطات العمومية ، هي تدابير وقائية ، قبلية ، يتم الأمر باتخادها و احترام تطبيقها
و التقيد بها من طرف المواطنين ، كلما استدعت الضرورة و الظروف الاستعجالية الموجبة لذلك
و الحالة غير كذلك ، في الوضع الوبائي المغربي ، الذي يعرف استقرارا ، و تدنيا ملحوظا ، و متواترا ، في حالات الإصابة بالفيروس ، و الوفيات الناجمة عنه ، و بشكل يقضي بضرورة التخفيف من هذه التدابير ، و ليس تشديدها ، و التضييق على حرية المواطنين ، و على مصادر أرزاقهم ، هذا من جهة
و من جهة أخرى ، فإن هذه التدابير التي تعود لقوانين جلجاميس ، يتم الخلط بينها و بين ، التدابير و الإجراءات ، المساعدة على تطبيق القانون ، و ترتيب جزاءات على المخلين به ، و التي يعود الأمر فيها ، إلى السلطة القضائية ، في إطار شرعية الشيئ المقضي به ، وفق القانون ، و مطالب المدعين ، الذين يصدر الحكم لصالحهم ، في المطالبة بالغرامات التهديدية ، أو الإجبار في الأدنى ، بعقوبات سالبة للحرية ، على الطرف الذي يمتنع عن التنفيذ
و عليه ، فإن إجبارية حمل جواز التلقيح ، ليس قانونا عاديا و لا دستوريا ، و لا حتى حكما قضائيا ، يوجب اتخاد جزاءات معينة على المخلين بتنفيذه ، و لا علاقة تبعية ، أو استطرادية ، يمكن أن تسوغ إلزامية حمله ، إذا كان فعلا محوطا بنص قانوني سابق ، يقضي بإجبارية التلقيح.
*رابعا: و أكتفي بذلك ، البلاغ الأحادي لوزارة الصحة الداخلية ، بإجبارية حمل جواز التلقيح ، و ترتيب جزاءات على المخلين بعدم حمله ، مخالف للمادة الثالثة من الدستور المغربي ، التي تحضر رجعية القوانين ، و عدم إمكانية ، إرجاع مفاعيلها القانونية للماضي ، كون مرسوم 2.20.292 ، لا يتحدث عن هذا التدبير ، كتدبير احترازي و وقائي ، و لا يمكنه أن يكون كذلك ، إلا إذا سبقه نص قانوني سابق ، يتحدث عن إجبارية التلقيح.
و الخلاصة النهائية لهذا التدبير الإدعاني و الجبري ، و ليس الاحترازي الوقائي الذي حمله البلاغ الأحادي لوزارة الصحة الداخلية ، هو قانون أشبه بقوانين جلجاميس.
اذن هل يوافق المواطن المغربي على قرار إجبارية جواز التلقيح لولوج الفضاءت العامة…🤔؟
✍️ رشيد اشريفي
Discussion about this post