محمد ابوعالي / خنيفرة
تبدأ الحكاية عندما يفتح الطفل عينيه على أبناء الحي في غياب المراقبة الأسرية والوعي العائلي بضرورة التربية الحسنة وبذل الجهد في ذلك، عوض الاكتفاء بترديد بعض المقولات من قبيل “لمربي من عند الله” تملصا من المسؤولية الملقاة على عاتق الآباء بتكوين جيل ناضج عاطفيا وفكريا. وبعض الآباء، هم كذلك ضحايا سوء التربية الخلقية وانعدام الخبرة في الحياة حيث أن أغلب الأسر أتت من القرى. فبعد أن يبد أ الطفل سنوات المراهقة، يصبح أكثر لزوما لأقرانه، وهنا تكون نقطة التحول، فإذا كان الجو السائد يجنح نحو الدراسة والاجتهاد، فإن التفوق الدراسي يكون من نصيب هذا الطفل، والعكس صحيح عندما يكون القدوة السيئة يعيش بالقرب منه وينشر ثقافته السجنية ومغامراته التي لا تنتهي بحيث يبرمج عقل الطفل على المضي في هذا المسار، هناك أيضا، نموذج آخر بالحي، حيث يتأثر الأطفال بالنماذج السلفية ويصبح قريبا من السلفيين ويشق طريقه على هذا النحو. ففي جميع هذه الحالات يلاحظ غياب الأسرة لأنها لا تستطيع أن تقدم إجابات مقنعة تقي الطفل من ثقافة الشارع.

فبعد أن يجرب الطفل التدخين للوهلة الأولى مجانا على حساب الأقران والمتمرسين، تبدأ مرحلة الاستهلاك الأولي خلسة من الأسرة، وبعدها تلاحظ الأسرة أن طفلها أصبح كثير الإلحاح على المال مقدما عدة مبررات إلى أن يبلغ السيل الزبى وتنقطع شعرة معاوية ويشرع في بيع ملابسه لزملائه وبعض أثاث الأسرة أحيانا، لشراء علب السيجارة التي لا تنتهي. بعد أن تعي الأسرة بالأمر وتقطع على الطفل مصدر المال لشراء السيجارة، يضطر هذا الأخير إلى تبني أسوإ حل، هو امتهان السرقة لتغطية مصاريف “البلية”، وبالتالي يصبح قاطع طريق ولا أحد ينكر ما قد يحدثه الإدمان للأفراد، هناك من الأسر من لا تحسن تدبير هذه المرحلة وتضطر إلى تعنيف أبنائها، فتزيد من حدة الأمر، والبعض الآخر يستسلم ويضطر إلى توفير مصروف التدخين لعل وعسى يقلع عن ذلك يوما ما. والأسوأ من كل ذلك، هو تعاطي الطفل إلى تدخين الحشيش، زد على ذلك أقراص الهلوسة واستنشاق بعض المواد لتخدير العقل.

ولسوء الحظ، لازلنا نعتقد أن كل من يذهب عند الطبيب النفسي هو أحمق، وهذا عامل معرقل بحيث نجد أن بعض الأسر تدفع أموالا طائلة مخافة أن يذهب أبناؤها إلى السجن وعاجزة في نفس الوقت عن زيارة طبيب نفسي أو مساعد نفساني لمساعدة الطفل على تخطي الإدمان. فكم من مراهق أصبح مجرما في غياب من يتابع حالته النفسية وينصحه عندما تسوء علاقته مع محيطه. كما أنه ينبغي أن تكلف السلطات المحلية بتسجيل حالات الانقطاع عن الدراسة والانحراف في الأحياء بغية تفعيل إجبارية التكوين المهني حتى بلوغ عشرين سنة، وتزويد هذه الشريحة بالمهارات الفكرية اللازمة حتى تصبح أكثر اندماجا في محيطها وأكثر إنتاجية لأنه يلاحظ أن الانحراف لصيق بالفئة العمرية ما بين 17 و 22 سنة حيث أن هذه الفترة حاسمة في تكوين شخصية الفرد. كذلك على الوزارة الوصية تحسيس الأسر بضرورة التربية حسنة والسليمة، وتسطير برامج اجتماعية ناجحة والاحتكاك بالمواطنين عوض الجلوس في المكاتب المكيفة والاستفادة من امتيازات المنصب.

Discussion about this post