أراء

نتائج طوفان الأقصى

لكل حدث أسبابه، ونتائجه، وقد تحدث الناس كثيرا عن أسباب عملية طوفان الأقصى، أسبابه الحقيقية الكثيرة، وأسبابه المباشرة القريبة، وأشار كثير من الناس إلى بعض نتائجه بإشارات سريعة غير نافذة، وكنت دائما أحاول تتبعها تتبعا يجمع بين متناثرها، ويحقق في نتائجها الحقيقية، فكنت كلما حصلت شيئا من نتيجتها فتنتها واختبرتها، فكان منها النتائج المباشرة والبعيدة، والنتائج الكبيرة والصغيرة، وإني منبه على أن معرفة النتائج مفيد في إقام الشهادات على السنن الكونية الربانية في الأفراد والجماعات والأمم، وكان ما تجمع عندي، وما حكته منه دافعا إلى مزيد تأمل ونظر، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا.

فضح حقيقة المؤسسات الحقوقية والقانونية والسياسية الدولية

لعل أهم ما لاحظناه بعين القصد والترصد فضح حقيقة مواقف المؤسسات القانونية والسياسية والحقوقية الدولية التي أبدت عن قصد عدم اهتمام بما يجري للمسلمين في فلسطين، وكشفت عن طبيعة حكمها الظالم القائم على الوزن بميزانين مختلفين بل ربما أكثر، بل كشفت عن كون الكذب جزءا من ممارستها السياسية، وهو خيانة وغش وتدليس في سوق المواقف والقيم.

كشف المؤامرة العالمية بالشعوب

كشفت حالة ما بعد طوفان الأقصى عن أمارات بل دلائل أكبر مؤامرة تعرض ويتعرض لها العالم، فقد بقيت الشعوب العالمية رهينة أصحاب المال العالمي من كبار المرابين، الذين سجنوا الشعوب في أسواق استهلاكية كبرى، وحظائر دافعي ضرائب واسعة، عن طريق حكومات تابعة مستعملة لاستغلال خيرات البلدان، وقيادة قطعان الشعوب في العالم الغربي خاصة ،ولذلك كان من بين ما لاحظناه خروج عدد من مواطني هاته البلاد يمسحون أثر الاستغفال عن عيونهم، شاكين ظلم حكوماتهم، شاكرين لأهل غزة صمودهم الذي كشف عن أكبر مؤامرة في العالم، والشعوب اليوم تستفيق في موجات متتالية، دفعت كثيرا من ناشطيهم الحقوقيين إلى مجابهة ومواجهة صانعي القرار في بلدانهم بتهم القتل ووصف الجريمة.

سقوط هيبة الجيش الذي لا يقهر

سقطت خرافة الجيش الذي لا يهزم، وانكشفت معه حقيقة ما جرى في حرب الأيام الستة، وعرفنا لماذا انتصر الصهاينة، وعرف الناس ان ما جرى حينها كان خيانة من بعض القادة المجرمين الذي مكنوا للعدو من دخول الأرض وأخذها، فكل هؤلاء، سواء كان الصهيوني أو النصيري أو القومي المخادع عملاء عند سادة المال العالمي في الولايات الأمريكية، وهي لعبة شطرنج على رقعة كبيرة.

العلاقة الأمريكية الإسرائيلية

كشف طوفان الأقصى وما تلاه من أحداث رعب وإرهاب صهيوني في غزة عن طبيعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من كل وجه، فلإن كنا نعرف طبيعة العلاقة بين الإنجيليين الجمهوريين وإسرائيل، فقد صرنا نعرف الآن طبيعة العلاقة بين ملاحدة وعلمانيي الحزب الديمقراطي  وإسرائيل العلمانية، وظهر لنا أن الحزبين معا متفقان على اعتبار وجود إسرائيل مصلحة استراتيجية أمريكية عليا، كل من وجهة نظره، وكما قال بايدن في شبابه: لو لم تكون هناك إسرائيل لكان يجب زرعها في وسط بلاد المسلمين، لا لأهداف دينية، بل لأهداف علمانية مادية، وهي تحقيق المصالح العليا الأمريكية بثمن قليل بالمقارنة مع كانت ستحتاجه لرعاية مصالحها هناك، واستغلال خيرات البلاد الإسلامية.

مصائب قوم عند قوم فوائد

أثبتت أحداث غزة أن لبعض الأحداث القوية تأثيرا في غيرها، وأن الذكي من يحسن ملاحظة ذلك وتوظيفه، ولعل خير مثال على هذا، أن ما جرى في غزة ويجري أثّر كثيرا على مجريات احداث حرب أوكرانيا، فقد تشتت قدرات الولايات المتحدة على الحشد، واستطاع الجيش الروسي استغلال ذلك استغلالا ظاهرا، فتقدمت قواتها وتحصنت وأثخنت القوات الأوكرانية، كما استفادت الصين من هذا الانشغال والاستنزاف لدفع قدمه خطوات في المواجهة الحتمية الاقتصادية والسياسية وربما العسكرية بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية.

فئة قليلة تغلب الكثيرة

من أهم ما يعتقد المسلمون في باب الحرب والمواجهات، أن الفئة القليلة قد تغلب الفئة الكثيرة بإذن الله، إن هي حققت شروط النصر والتمكين، مؤقتا أو دائما، وما وقع في الطوفان وما لا يزال يحدث في حرب غزة دليل قائم قيام الشاهد على هذا، لكن ينبغي الانتباه إلى أن مكون العقدية والإيمان له دور كبير في تحقيق هذا المشروط، فكم من فئة مستضعفة كافرة غلبت فئة أقوى منها بسبب إيمانها بصدق قضيتها، كما حدث في فيتنام وغيرها، وكم من فئة قليلة غلبت لإيمانها بالله تعالى واليوم الآخر، وهذه أكبر من تلك بكثير.

الخيانة الشيعية المستمرة

لا نزال نعاني من مشكلة سوء النظر الناتج عن ضباب العاطفة المنتشرة بين المسلمين، ولا زلنا نعاني من قصر النظر عند أكثر الناس، وإن أضيف إليها ضعف الذاكرة الجماعية، نتج عن ذلك فاجعة قلة الوعي عندنا، فالشيعة الإيرانيون عملاء ووكلاء وحلفاء للغرب عبر التاريخ، والشواهد كثيرة جدا، فمن منا لا يعرف أن الخميني وثن طائفة الغلاة الحاكمين في إيران من أصحاب النفوذ المالي والسياسي، كان محفوظا عند الفرنسيين معززا مكرما، ومن منا لا يعرف أن إسرائيل كانت تمد إيران بالسلاح ضد العراقيين، والذي ينغي التأكد منه، أن وراء هذا كله تحالف غريب بين الإيرانيين والأمريكيين على وجه الخصوص، تحالف تاريخي قديم، فالتحالف بينهما استراتيجي، القصد منه إضعاف الحضور السني في منطقة الشرق العربي، لتقاسم النفوذ والموارد فيه، وإسرائيل ثالثة الأثافي، ولا عبرة بمسرحية الخصومة، فإنها خصومة بين أخوين بل قل ثلاثة، وليعلم الناس أن الأمر دين، وأساسه الولاء والبراء.

إسلام الغربيين

لعل أعجب النتائج إلى قلوبنا معشر المسلمين، تلك النتائج المتعلقة بالآثار النفسية على الناس في الغرب، فقد فوجئنا بحملات عجيبة يدعى فيها الناس إلى قراءة ترجمات معاني القرآن بالإنجليزية خاصة، بل وإعلان كثير جدا منهم الإسلام خاصة النساء، وكان السبب أعجب، فقد كانت أحداث غزة قداحة، وكان القرآن الكريم المؤثر الحقيقي في إسلام هؤلاء، فاستطاعت أحداث غزة بفضل إقبال الناس على القرآن أن تفعل ما عجز كثير من الدعاة عنه، وهو إدخال الناس في دين الله أفواجا، وهذا فضل من الله كبير، ويحتاج إلى وقفة تأمل ومحاسبة ومراجعة، هل قمنا بما اوجبه الله علينا من دعوة الناس إلى دين الله تعالى؟

ضعف القراءة التحليلية

كشفت حرب غزة عن هزال فكري وضعف في القدرة التحليلية وقصر الرؤية وتجزُّئها وعدم شموليتها، وعدم اعتبارها للسياقات المناسبة، وتغييب كثير من المعطيات المهمة المؤثرة في تصويب التحليل، وتسديد نتائجه، وسط النخبة المثقفة المزعومة، وانكشفت أمامنا حقيقة قدرة التوجه الإيديولوجي على إفساد العملية التحليلية حين تجد بعض المنخدعين في المشروع الإيراني يضعون إيران في غير موضعها، فتكون نتائج تحليلهم خبطا وخلطا عجيبين.

خاتمة

إن اهم سبب في نظري لأحداث غزة، هو دفع ضمير الامة وعقلها إلى المراجعة، والبحث عن أسباب الضعف الحقيقية التي غابت كثيرا عن كثير من المؤثرين ي صناعة الرأي العام الإسلامي، ولإن كان هناك سؤال واحد يجب إعادة تدويره من جديد، هو لماذا تأخر المسلمون عن القيام بدوهم الحضارة وتبليغ الرسالة الإلهية إلى الإنسانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى